خارج الحدود

غضب شعبي في تركيا: مقاطعة المقاهي والمطاعم احتجاجاً على الأسعار “اللاهبة”

شهدت تركيا نهاية الأسبوع الماضي حدثاً استثنائياً تمثل في دعوة واسعة النطاق لمقاطعة المقاهي والمطاعم، وذلك احتجاجاً على الارتفاع “الجنوني” للأسعار.

 

بدأت الشرارة عندما أطلقت الخبيرة المالية إيريس سيبري دعوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تدعو فيها الأتراك إلى مقاطعة المقاهي والمطاعم لمدة يومين. وانتشرت الدعوة بسرعة هائلة، لاقيةً تجاوباً واسعاً من قبل المواطنين الذين عبروا عن سخطهم من الغلاء الفاحش الذي بات يشكل عبئاً ثقيلاً على جيوبهم.

 

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن معدل التضخم في تركيا قد وصل إلى 68.5% في مارس 2024، بينما يرى خبراء الاقتصاد أن الرقم الحقيقي قد يتجاوز 120%.

وفي ظل هذه الأرقام الصادمة، أصبح من الصعب على الكثير من الأتراك توفير احتياجاتهم الأساسية، ناهيك عن الاستمتاع ببعض الرفاهية مثل تناول الطعام في الخارج.

 

تروي سيرين، وهي طالبة جامعية في أنقرة، تجربتها قائلة: “لقد قررنا أنا وأصدقائي أن نلتقي في حديقة بدلاً من المقهى كالمعتاد. لم يعد بإمكاننا تحمل تكاليف الخروج لتناول الطعام أو المشروبات”.

وتضيف إيريس سيبري، صاحبة فكرة المقاطعة، بأنها دفعت 880 ليرة تركية (حوالي 25 يورو) مقابل وجبة طعام وقهوة في مقهى بسيط في إسطنبول، وهو مبلغ قياسي مقارنة بدخلها الشهري.

 

تحولت دعوة المقاطعة إلى حركة احتجاجية عمت مختلف أنحاء تركيا، حيث عبر الكثيرون عن استيائهم من “جشع” التجار الذين يستغلون الظروف الاقتصادية الصعبة لفرض أسعار خيالية على السلع والخدمات.

ولكن في المقابل، واجهت الدعوة بعض الانتقادات من قبل بعض الأشخاص الذين اعتبروا أنها لن تُحدث أي تغيير ملموس، بل قد تضر بالتجار الصغار.

 

ترى سيبري أن مسؤولية الارتفاع الفاحش للأسعار تقع على عاتق كل من الحكومة والتجار. فهي تُدين السياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومة التي أدت إلى تدهور قيمة الليرة التركية وارتفاع معدلات التضخم.

وفي الوقت نفسه، تُطالب سيبري التجار بضبط أسعارهم بشكل معقول مراعاةً للظروف الصعبة التي يعيشها المواطنون.

 

تُعدّ دعوة مقاطعة المقاهي والمطاعم في تركيا ظاهرة اجتماعية واقتصادية تستحقّ التوقف عندها ودراستها بتمعن. فهي تعكس حالة الغضب والسخط التي يشعر بها الكثير من الأتراك تجاه الوضع الاقتصادي المتردي في بلدهم.

وتُظهر هذه الظاهرة أيضاً مدى تفاعل المجتمع المدني مع القضايا التي تهمّ المواطنين، وقدرته على التعبير عن مطالبه بشكل سلمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى