قانون العقوبات البديلة بالمغرب: خطوة نحو “إنسنة” العقوبة و “إصلاح” المجرم
في خطوة نوعية على طريق “إصلاح” منظومة العدالة الجنائية، دخل القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة حيّز التنفيذ في المغرب، بعد نشره في الجريدة الرسمية، ليُشكّل تحوّلاً هاماً في مفهوم العقاب من “الزجر” إلى “الإصلاح” و”الدمج”.
ويأتي هذا القانون، الذي طال انتظاره، ليُرسّخ لمبدأ “إنسانية” العقوبة، من خلال توسيع نطاق تطبيق العقوبات البديلة كبديل للسجن في مجموعة من الجرائم، خاصة تلك التي لا تتجاوز عقوبتها خمس سنوات حبسا نافذا.
ويُقدّم القانون مجموعة من البدائل العقابية المُتنوّعة، منها العمل للمصلحة العامة، والمراقبة الإلكترونية، و تقييد بعض الحقوق، وفرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، إضافة إلى الغرامة اليومية.
ويهدف هذا التوجّه إلى تحقيق عدة أهداف، منها الحدّ من الاكتظاظ داخل السجون، وإعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع، و”إصلاحهم” وتأهيلهم ليُصبحوا عناصر فعّالة فيه، بدلاً من تحويلهم إلى “مجرمين مُحترفين” داخل أسوار السجون.
كما يُعطي القانون أهمية كبيرة لـ”إصلاح أضرار الجريمة”، من خلال إلزام المحكوم عليه بتعويض الضحية عن الضرر الذي لحق به، مادياً ومعنوياً، وهو ما يُساهم في تحقيق العدالة للضحايا و”ردّ الاعتبار” لهم.
ويُعدّ هذا القانون نقطة تحوّل هامة في مسار “عصرنة” المنظومة القضائية في المغرب، وتكريس لمبادئ حقوق الإنسان في التعامل مع المجرمين، غير أنّه يبقى رهيناً بمدى تطبيقه بشكل فعلي على أرض الواقع، وتوفير الإمكانيات المادية واللوجستية والبشرية لكفالة نجاحه.
ولا شكّ أنّ نجاح هذا المشروع الهامّ يتطلّب تضافر جهود جميع المتدخّلين في المجال القضائي والحقوقي والاجتماعي، من أجل بناء مجتمع يسوده الأمن والعدالة والإنصاف.